التشبث بالموضع .. والجهل بالموقع


التشبث بالموضع .. والجهل بالموقع

رأيت هذه الظاهرة أكثر من مره في أكثر من مستوى .. لا سيما المستوى الشخصي
فأنت ربما أو بالكاد تكاد تعرف موضعك .. أي مكانك الضيق ومطلبك الحالي واحتياجك الوقتي .. لكن في الغالب كلنا يجهل موقعه .. أي النطاق الأوسع من الموضع .. فأنت لا تعرف ما هي الخطوة التالية .. وفي أي اتجاه ستكون .. يمينا أم يسارا .. للأمام أو ربما للخلف .. لا تعرف إن كان هناك لاعبون آخرون في نفس الموقع .. ما هي طبيعة هذا الموقع وهل له حدود أم انه لا محدود .. وهل من الأنسب الان التشبث بالموضع أم من الأفضل التحرك

على المستوى السياسي .. لن أتكلم عن النظام لأن تخبطه وتوهانه لا يحتاج إلي دليل أو برهان .. لكن على مستوى الحركات السياسية – وفي القلب الإخوان المسلمين – وبمجارات الأحداث من إضراب ناجح في 6 ابريل لم يشارك فيه الأخوان لأسباب معينه إلي إضراب فاشل بعدها بأقل من شهر شارك فيه الإخوان مع وجود نفس الأسباب التي منعتهم في المرة السابقة إلي محاولة تلميع الصورة وإقناع الناس بان الإضراب نجح نجاحا باهرا مع أن الإضراب لم يتم أصلا.. ثم إلي الصعيد الإنساني .. إلي حالة توهان عامة في وسط الشباب أمثالي .. يعانون من صعوبة في تحديد أهدافهم ووضع أحلامهم .. إلي أبائنا وأهالينا وعزوف عن أي مشاركة فعالة وخلينا جنب الحيط وآدينا عايشين كويس والحمد لله

الخلاصة ..ربما أجد الكثير( وأنا منهم ) يعرفون أين يقفون ( يعرفون موضعهم ) .. لكن يتخبطون في قراراتهم بشكل واضح ويرتكبون الأخطاء ورؤيتهم في الغالب ضبابيه .. وإذا قرر أحدهم التحرك ( في نطاق موقعه) نجده أحيانا يتحرك يمينا وأخرى يسارا ..لا يعرف كيف يتحرك الآخرون .. وكيف يستثيرهم .. والي أي شيء يسعون .. فتكون المحصلة أن الأغلب من الكل يريد أن يتشبث بموضعه ويحافظ على ما حققه من مكاسب .. والخوف من التحرك في أي اتجاه مخافة أن يخسر أو يفقد بعض ما حققه نتيجة جهله بالمكان الذي يتحرك فيه

فلسفة الحفاظ والتشبث

هذه الفلسفة تكلم عنها جلال أمين في فهم كيفية تكون الطبقات المتوسطة .. فتلك الطبقة كانت تعيش في فقر شديد وجهل وفي الأغلب كانوا يقطنون القرى والريف .. حتى دخل على الساحة متغير جديد ( الثورة ) فأعادت توزيع الأراضي وانتشر التعليم .. ليصبح منهم وبشكل سريع ( الأفندي ) الذي يعمل في المصلحة بالقاهرة بمرتب مجزي وأصبح للأسرة منزل وأرض زراعية وابن جامعي متعلم .. كل هذه المكاسب تحققت بشكل سريع .. ونمت طبقة كانت تعتبر فقيرة إلي مستوى ربما يكون متوسط .. لذلك كان الشعور المسيطر على هذه الطبقة بتراكم الخبرات وتوالي الأجيال هو الحفاظ على ما حققناه من مكاسب لا السعي نحو تحقيق مكاسب أخرى .. ومن هذه الخلفية فان فلسفة التشبث والحفاظ هي من المبادئ المترسخة في هذه الطبقات

فكرة الحدود وارتباطها بفهم المكان

من خصائص المكان ( الموقع \ الموضع ) أن له حدود .. وإدراكنا لهذه الحدود يساعدنا على إدراك وفهم المكان .. لكن ربما نختلف عن ماهية الحدود .. فيعتقد الكثير أن الحدود هي الفواصل الذي ينتهي عنده الشئ .. لكن تكلم كنيثت فرامتون عن الحدود باعتبارها الفواصل التي يبدأ عندها شيئا ما وجوده وتعريفه .. فمثلا إذا تكلمنا عن مصر لا نقول أن حدودها شمالا البحر المتوسط وشرقا البحر الأحمر إنما نقول – حسب تعريف فرامتون – إن مصر تبدأ وجودها بالنيل الذي يشكل وادي للزراعة ويمر شمالا مكونا الدلتا وهي منطقة خصبه للزراعة ثم يصب في البحر المتوسط الذي يحدنا من الشمال ..إلا أن هذا النيل يمثل خدشا في الصحراء ....الخ ومن هذا التعريف فإننا نفهم الطبيعة المكانية لمصر بمعظم خصائصها


بس ده أيه علاقته بالموضوع لا مؤاخذه؟
الغرض هو أن نفهم موضعنا ( المكان الذي نقف فيه ) وموقعنا ( المحيط الذي نتحرك في أبعاده ) برسم دقيق لحدودهما حتى نستطيع فهمهما بشكل أوسع ونحدد الخطوات القادمة من أين نبدأها والي أين نأخذها وفي أي اتجاه .. وان ندرك ونفهم كيف يتحرك الآخرون والي أي شيء يسعون؟


Comments

mo'men mohamed said…
أسف مفهمتش اى حاجة لا مؤاذخة
السلام عليكم
Anonymous said…
الى حد كبير تحليل كويس و مقبول
بس المعلومة الجديدة اللى انا عرفتها ان اضراب مايوم لم يتم أصلا؟؟؟

طاب ليه؟
challenging_sam said…
عم شاهين

فيه كلمتين إثنتين قادرتين على وصف أخلاق
المصريين

أخلاق العبيد

هي المفسر الطبيعي لفكرة المحافظة و التشبث

مشكلة المصري إنه مش عارف إنه عبد و بالتالي الحرية ليست هدفا له

عارف زي ايه ... أما بتبقى في كابوس لو إنت عارف إنه حلم هيبقى طموحك أنك تصحى و تفوق ... أما لو إنت مش عارف إنه حلم في هتصبر نفسك بمقولات الواقعية و المادية و اللاغائية بتاعت المسيري

و من هذا أحترم جدا دعوتك لبحث الحدود تعريفا و توقيعا

الحدود الفاصلة بين الحرية و العبودية ... الواقعية و السلبية

بين الحلم و الخيال

بين المشروع و الجنون

بين هويتنا و بين أهوائنا

بين الواقع و التاريخ و المستقبل


عزيزي الشهينشي ... هدفنا ليس تحرير العبيد فلن ننجح فيه على العبد أن يدرك أولا بنفسه أنه عبد لكي يسعى إلى تحرير نفسه

و لكني أسألك ... لم لا يكون هدفنا هو حكم هؤلاء العبيد؟

طالما كان الحاكم فاسدا ... فسدت أخلاق شعبه ... فلما لا نسعى إلى نكون حكامه و أن نصلحه بصلاحنا

و ان نجبره على تغيير واقعه

بغير ذلك ... فاسعى في طريق دعوتك و لكن في بلد أخر

هذا الشعب لن يستمع لك
saiaf said…
اوووووف

اخيرا .. اخيرا



نعم .. لازم كل واحد يعرف حدودة و هو بيمثل ايه فى الحدود ديه و ده هايساعدنا اننا نفه بعض اكتر و نفهم اللى حولينا و نحاول نتأقلم معاه

و بالتالى هايبقى سهل جدا اننا نغير فى اى شئ .. لاننا عرفنا احنا ايه و ممكن نعمل ايه


زى مصر عرفت حدودها و عرفت انها ممكن تعمل قناة السويس و تغير فى الحالم كله ( طبعا مش هيا اللى عرفت دول الاجانب )

احييك ... و نسألكم الدعاء

اه نسيت اقولك انى عرفت ان انا شرخ فى الدنيا و عرفت اوله فين و اخره فين :)
saiaf said…
فى بعض الاحيا الانسان بيتوه فى الدنيا على الرغم من انه بيبقى مححد موقع كويس ..نظرا للمشاغل

و انا ارى انه تحديد الموقع دون النظر اليه من حين لى اخر و دون تحديد اتجاه السير لن يجدى نفعا


لانى ممكن احدد موقعى و بعد فتره الاقى نفسى فى حته تانية خالص
استاذ مؤمن
ولا يهمك .. بس انت نورت المدونه .. بالتوفيق
أحمد اسماعيل

نورت المدونة يا أحمد واتمنى انك تكون ماشي في الامتحانات كويس .. انا بصراحة معرفش الاضراب ماتمش ليه .. بس في المجمل هو ماتمش وخلاص .. ربما في اسباب كثيره تداخلت .. بس المجصلة النهائية أن الاضراب ماتمش
بالتوفيق ياحمد .. وسلم لي على أخوك
عمونا الساموراي الاخير

كالعادة تعليقك بيقى مهم جدا .. وفعلا بستناه عشات أستفاد .. أنا متفق معاك الي حد كبي فب التوصيف .. وكمان في الهدف .. بس برده ممكنا يكون من هدفنا تغيير الثقافات أو ثقافة العبيد كما تسميها .. بس أنا برده متفق معاك .. أشوفك قريب يا سام
بالتوفيق
سيااااااف
ازيك يا عم الشرخ .. بتتريق عليا يا سيف .. ماشي
ملحوظتك مهمة لازم نبقى بنتابع موقعنا على طول .. ونحاول الا تلهينا المشاكل .. ده اللي انا فهمته ..بالتوفيق يا سيف .. ونتقابل بعد امتحاناتك
Anonymous said…
حبيبى شاهين انا حاسس بيك جدا رنا يصلح الحال
وعموما الحل فى
إعادة
تعريف الوظيفية كمدخل للتصمييم المعمارى

إسلام أبو الفتوح
فزلوكة said…
التشبث بالموضع ... والجهل بالموقع

على حسب ما فهمت
يكمن تشبثنا بالموضع من خوفنا من التحرك
إفتقادنا بشكل كبير إلى روح "المغامرة " قلة طموحاتنا فى كثير من الأحيان والتى تجعلنا راضيين بما هو ثابت , لانطمح أكثر منه

أما إدراكنا للموقع
فمرتبط فى رأيى كثيرا بإدراكنا لما هو قادم

عجبنى جدا تحليل "جلال أمين " أول مرة أعرفه
لكن تحليل منطقى

فى النهاية
التشبث بالموضع .... والجهل بالموقع
تدوينة تحتاج إلى قراءتها أكثر من مرة
الناس اللى ما بتعرفش تخطط لمستقبلها
وما تعرفش هى رايحة فيين

هم اكثر الناس حفاظا على الموضع

واكثر الناس جهلا بالموقع

بالتالى ينشغلوا بالحفاظ على المكتسبات اللى حققوها ويبدأ يتقوقعوا داخل انفسهم وينتظروا المنقذ والمخلص
لكى يحقق لهم تلك القفزة الى المستقبل
والتى تريحهم من عناء التفكير والتخطيط
والتجربة والخطأ

تدوينة جيدة
وتقبلى مرورى
Anonymous said…
يبدو لي واضحا إن باشمهندس شاهينشي انتهى من الامتحانات
عقبالي ياااااا رب!
:(

نيجي بقى للكلام الرائع اللي قريته
تحليل جلال أمين فوق الرائع
أعتقد دا في كتابه "ماذا علمتني الحياة؟".. صح؟؟
أصل لسه ماجبتهوش!
المهم....
أعتقد إن التشبث بالموضع يرجع لافتقادنا للمثابرة والسعي للأكمل
والرضا بحالة "الاستقرار" الآني اللي ممكن نعيشها في لحظة معينة
يعني!
...

آه صح تسمحلي بكلمتين لساموراي؟
هو كلامه جميل...
لكن أعتقد أسلوب التغيير الفوقي دا مش هينفع ومش هينتج شعب طموح..
انت بكدا بتغيره لوضع أفضل من الوضع السيء اللي هو عايشه، بس مش هيتكون في وجدانه الطموح والمثابرة والسعي لخلق الواقع الأفضل من

الواقع المعاش (اللي هيكون كويس).. لإنك بكده هتفرض عليه وضع هيفرح بالمكاسب الجديدة، ونرجع لنفس المشكلة!
لازم "العبيد" يعرفوا إنهم عبيد ويحرروا نفسهم
لكن تيجي انت وتشتريه من سيده.. هياها المشكلة! ولا علشان هتعامله كويس يعني!
العصفور يفتقد الحرية ولو عشيته في قفص دهب!
--
هقراها تاني!
شهيدة said…
انت تتحدث عن صناعه عقول .. غير متوفرة حاليا ..!!
اسلام أبو الفتوح
انت دايما حاسس بيا يا استاذ اسلام .. وهجرب الحل اللي انت قلتلي عيه ولو انه نموذج حلولي كموني غير قادر على التجاوز .. بس هحاول
بالتوفيق
الأستاذه الفزلوكة
اللي فهمتيه حضرتك صحيح .. الخوف في الغالب من الخساءة أحد أهم الاسباب للتشبث بالموقع ..لكن اختلف مع حضرتك عن فهم الموقع .. فهو ليس مرتبط بما هو قادم .. لكن مرتبط بالبعد الزماني والتاريخيومرتبط بالحاضر وفهمه ووجود تأثيرات ومتغيرات في هذا الموقع من عدمه .. دي وجهة نظري الضعيفة .. جزاكم الله خير
اسلام ناجح
توقعك في محله يا اسلام .. الحمد لله خلصت الامتحانات .. بالنسبة لجلال أمين هتلاقي الكلام ده فيما اعتقد يا اما ف "عصر الجماهير الغفرة" أو " ماذا حدث للمصرين " بيتهيقلي يعني .. امنى لو هتنزل القاهرة بعد الامتحانات تتصل بيا .. جزاكم الله خير
علم الهسس
نورت المدونة .. ومرور كريم .. جزاكم الله خير على التعليق
شهيده
صناعة العقول - م أروع هذا الاصطلاح .. للاسف هي فعلا صناعة غائبة على كل المستويات .. وتحتاج الي ترسانة ضخمة .. جزاكم الله خير
Sally said…
This comment has been removed by the author.
Sally said…
ما شاء الله
عرض ممتميز جدا للموضوع

عايزة اقول
بالطبع تحديد الروية الواضحة
من اصعب خطوات معرفة الذات
علي كل الاصعده

ان اكون علي بصيرة من امري
شيئا يحتاج الي تدبر واعداد وتحدي

واراها في ‏"قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ ‏الْمُشْرِكِينَ "

ربما يحتاج كتيرا منا الي
صحوه مع النفس ... فحلقات الوصل من اهم الاوقات في عمر الانسان
"صحوة مش واقفة اكيد"

واسمحلي اؤيد كلام
اسلام في الرد علي الساموري
وتحياتي لك
رؤية
جزاكم الله خير على تعلقك .. أن أكون على بصيرة من أمري .. ده مفتاح الفلاح في الدنيا والاخرة .. عشان كده الموضوع ده مش سهل .. جزاكم الله خير مره أخرى .. بالتوفيق

Popular Posts